قال السيد القصير، رئيس البنك الزراعى المصرى، أن برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى ساهم فى رسم توجه مصر نحو الطريق الصحيح، قائلاً: «علينا أن ننظر إلى تقييم المؤسسات المالية الدولية ومؤسسات الائتمان ووكالات التصنيف العالمية، فجميعها أشادت ببرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى».
وأكد القصير أن التاريخ سيقف طويلا أمام قرارات المركزى فى إدارة السياسة النقدية وسعر الصرف فى ظل الدعم الكبير لهذه القرارات من القيادة السياسية، حيث ساهم تحرير سعر الصرف فى تحسين مناخ الاستثمار، والقضاء على السوق السوداء للعملة، وأدى إلى خلق ميزة تنافسية للصادرات المصرية، وشجع السياحة المصرية.
وأكد أنه لولا بعض الظروف المعاكسة التى تحدث أحياناً، لكان الوضع فى هذا الإطار كبيراً ومشجعاً، فمصر دولة جاذبة للسياحة، وندعو جميع المستثمرين للاستثمار فى مصر لتحقيق كثير من المكاسب، مشيرا إلي أن أن الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى أصبحت الآن نموذجاً مستهدفاً لكثير من الدول التى تسعى إلى تطبيقه.
وأشار إلي أن الوضع قبل تحرير سعر الصرف كان فى غاية الصعوبة، ولم يكن يسير فى الاتجاه الصحيح، حتى وصل الاحتياطى الأجنبى للبلاد إلى أدنى مستوياته، نتيجة قيام البنك المركزى فى ذلك الوقت بضخ كميات من العملة الصعبة فى الأسواق لتلبية الاحتياجات الأساسية لمصر من الخارج.
ولذلك كان هناك خلل واضح فى السوق نتيجة وجود السوق السوداء والتي وصلت إلى ذروتها، وتمكنت فى ذلك الوقت من التحكم فى جزء كبير جداً من النقد الأجنبى داخل مصر، الأمر الذى جعل مهمة البنوك فى توفير العملة الصعبة لتلبية احتياجات السوق فى غاية الصعوبة، لأن حصيلتها الدولارية كانت فى انخفاض»
ولفت إلى أن وجود السوق السوداء كان سبباً مهماً فى عزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار فى مصر، وهو ما ساهم أيضاً فى انخفاض موارد البلاد من النقد الأجنبى، فضلاً عن المشكلات التى كانت تواجه المستوردين فى إتمام صفقات الاستيراد الخاصة بالسلع المختلفة ومدخلات الإنتاج وغيرها نتيجة عدم توافر الدولار، وأدى ذلك إلى وجود قوائم انتظار كبيرة على العملية التجارية، وترتب عليه أن المصانع التى لم تكن تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، مما هدد بتسريح العمالة بها.
وأضاف أنه كان لا بد من وجود حل جذرى لتلك الأزمات التى كانت تهدد الاقتصاد الوطنى بأزمة كبيرة، لافتاً إلى أنه فى ذلك الوقت كان لدى البنك المركزى المصرى رؤية واضحة لحل المشكلة بقرار جرىء لإنقاذ الاقتصاد المصرى، وهو تحرير سعر الصرف.
وأوضح أنه بمجرد إصلاح منظومة تداول النقد الأجنبى فى السوق المحلية بقرار «التعويم» ظهرت النتائج الإيجابية واحدة تلو الأخرى، حيث شهدنا طفرة فى النشاط الاقتصادى بمختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية المختلفة، وعادت المصانع إلى الإنتاج بطاقات أكبر وتوظيف عمالة أكثر بدلاً من تسريحها.
وتابع: «الأزمة لم تكن فى سعر الصرف، بل فى توافر النقد الأجنبى وتوفير السلع، حيث إن السوق كانت مهددة بنقص السلع وهو ما شهدناه فى الآونة الأخيرة، أيضاً سعر الدولار فى السوق السوداء كانت فى ارتفاع متواصل، ولم يكن أحد سيستطيع السيطرة عليه بسبب تداوله فى السوق السوداء التى كان هدفها الأول تحقيق الأرباح من المضاربات على حساب الاقتصاد الوطنى».
ونوه إلى أن الأزمات فى توفير العملة والاحتياجات الأساسية تبددت بعد تحرير سعر الصرف، حيث ارتفعت موارد البلاد من العملة الصعبة، وارتفاع حصيلة البنوك منها أيضاً، بالإضافة إلى ارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى مستوى تاريخى، وأصبحت البنوك قادرة على تلبية احتياجات السوق، وارتفعت الثقة فى الاقتصاد المحلى من قبَل المستثمر الأجنبى الذى كان متخوفاً من وجود السوق السوداء.
وأشار إلي أنه على الرغم من ارتفاع أسعار السلع بعد «التعويم»، إلا أن الأمر أصبح مستقراً فى الوقت الحالى، لأنه بدون «التعويم» لم يكن أحد فى استطاعته وقف نزيف الاحتياطى الأجنبى للبلاد من ناحية، أو السيطرة على السوق السوداء التى التهمت «دولاراتنا القليلة» فى ذلك الوقت، فضلاً عن تباطؤ النمو الاقتصادى وتعطل الكثير من المشروعات، وهو ما كان بمثابة تهديد واضح بتسريح العمالة.