حمدي الجمل
المصريون أكثر شعوب العالم إستهلاكا للطعام روبما يعود ذلك أن كل الأعياد الدينيه والقومية وما تبقي من أعياد فرعونيه مرتبطه بالطعام و لكل عيد طعامه وطقوسه . ورغم ذلك لا ينتج الشعب المصري طعامة . ويستورده من الخارج .
والأمر كان تحت السيطرة عندما كانت الدوله هي المسئوله عن استيراد الطعام , لكن مع بداية التحول إلي ما يسمي بالرأسمالية وآليات السوق الحر بدأت المشكلة تتبدي علي استحياء حتي ظهرت أزمة وباء أنفلونزا الطيور في مصر عام 2007 وحينها أصدر الرئيس الأسبق مبارك قرارا جمهوريا بفتح باب الاستيراد علي مصراعية لاستيراد اللحوم والدواجن . لكن حدث شيئ لم يكن في الحسبان بخروج وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد بتصريح عجيب تحول مع الوقت إلي شبه قانون ألا وهو أن مصر لا تحتاج إلا إلي450 الف طن لحوم ودواجن فقط وسيسند مسئولية هذا الأمر إلي4 رجال أعمال من أصدقائه تحت رعايه شهبندر تجار مصر بالإسكندرية ومن يومها دخل هؤلاء سوق الاستيراد من بابه الواسع لسد إحتياجات شعب يعاني من زيادة سكانية مرعبة سنويا وقصور ذاتي في إنتاج الغذاء
وتزامن ذلك مع إصدار مجلس الشعب قانونا ولد مشلولا ومشوها أطلقوا عليه قانون منع الاحتكار وتشجيع المنافسة كان من أبرز نصوصه أن من يريد أن يشكتي محتكر لسلعة من السلع علية إثبات ذلك ثم يتم رفع ملف الموضوع برمته إلي الوزير المختص وزير التجارة والصناعة الذي سيقرر هل يحول القضية إلي القضاء أم يحفظها لعدم إثبات شبة الإحتكار وإذا تم تحويل ملف القضية الي النيابة العامه وحكم القاضي بوجود جريمه الاحتكار فإن الشاكي سيتحمل نصف عقوبه وغرامة المحتكر وسبب ذلك من وجه من وضعوا القانون هو جديه الشكوي والأغرب من ذلك المقوله الخالدة لوزير البيع محمود محي الدين الذي كان يشغل منصب وزير الإستثمار . ليست الجريمة في إحتكار السوق ، الجريمة هي وجود ممارسات احتكارية .
ونتذكر جميعا ماحدث لأسعار الحديد في عام 2008 ووصول سعر طن الحديد إلي أكثر من 12 ألف جنية وتم رفع العديد من القضايا وتقديم عشرات الشكاوي لكنها حفظت جمعيا بسبب حماية القانون الذي تم تفصيله لحماية المحكترين في مصر وبالمناسبة معظمهم اصدقاء للوزير رشيد محمد رشيد وبقية وزراء المجموعة الإقتصادية آن ذاك
واستمر الوضع كذلك إلي أن هلت علينا أحداث يناير 2011 رافعة نفس الشعارات التي أطلقها الخوميني في الثورة الإسلامية عام 1979فى إيران . عيش حرية عدالة اجتماعية , وبعد رحيل مبارك لم يتغير وضع المحتكرين في مصر بل زاد نفوذهم وفرضوا سيطرتهم وسطوتهم علي السوق وعلي ما تبقي من الدولة . ووصلنا إلي ثورة البشريه في 30 يونيو التي غيرت خريطه العالم وأعادة التوازن للسياسية العالمية حتي وصلنا إلي إستلهامها وتكرار سنريوهاتها في لبيبا . وربما ستتكرر مستقبلا في العراق ولبنان واليمن للقضاء علي الطائفية . ورغم كل ذلك لم يتغير الإحتكار في مصر . بل اصبح المحتكريين من رجال الأعمال أقوي من الدوله ومن الحكومه وباتوا قادرين علي تصدير وخلق مشاكل يومية للحكومية وإلي الشعب.
وربما تكون استقالة وزير التموين خالد حنفي بسبب فساد توريد القمح واستيلاء رجال الأعمال علي 5 مليارات جنية وإفتعال رجال الاعمال والمحتكريين لأزمه السكر بعد أستقاله الوزير بيوم واحد أكبر شاهد وقرينه مؤكدة علي مدي تغول هؤلاء وقدرتهم علي التلاعب بقوت الشعب وفرض قانونهم الخاص . قانون السوق علي الدوله في ظل افتقاد الحكومه للأدوات التي تجعلها قادرة علي منافسة هؤلاء .
وأتصور أن الحل يتلخص في جملة واحدة . كسر الاحتكار يتتطلب إرادة سياسية صادقة وجادة . إذا توافرت هذة الإرادة فأن الامر يتطلب وضع رؤيه طويله الأجل لكسر هذا الاحتكار وأختيار أليات فعالة لذلك ووضع تشريعات جديدة تنص علي تجريم الإحتكار وأن هناك حصة في السوق لا ينبغي أن يصل إليها أحد ولتكن 15 % من حجم السوق مع تغليظ العقوبه علي المحكتر لتصل إلي السجن والغرامه ومصادرة السلعة موضوع الأحتكار كما هو متبع في كل دول العالم التي تأخذ بنظام السوق الحر .
وإصدار قرار بإعادة ما تبقي من شركات القطاع العام إلي العودة بقوة إلي العمل في السوق وأتصور أن الشركة القابضة للصناعات الغذائية والتي تمتلك أكثر من 28 شركه حكومية تستطيع بمساعدة الحكومه أن تدخل مجال صناعه وإستيراد المواد الغذائية حتي تصل حصتها إلي أكثر من 50% من حجم السوق على الأقل إذا أرادت الدولة كسر الإحتكار.
قيام الحكومه بالإعلان عن طرح شركتين جديدتين برأسمال 10 مليارات جنية في البورصة للأفراد ولا تزيد حصة الحكومه فيهما عن 26% لضمان مراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات لهما وبذلك نضمن خلق فرص أستثماريه واعدة لودائع المصريين غير المستغله بالبنوك والتي تجاوزت 2,2 تريليون جنية ويكون مجال عمل الشركتين تصنيع واستيراد المواد الغذائيه . وتكرار نفس الأمر في الصناعات والقطاعات الاخري . لأن الدوله المصرية ستقوم بمحاربه أحتكار الرأسمالية بمزيد من الرأسمالية
تعديل كافة القوانين المتعلقة بالاستثمار والصناعة والزراعة أو ترجمة القوانيين الرأسمالية فى أمريكا وأوروبا بالنص وتطبيقها في مصر حتي لا يخرج علينا أحد ويقول اننا نضع العراقيل أمام الأستثمار الأجنبي . لأن الرأسمالية في جوهرها تطبق الأفكار والمبادئ الأشتراكيه التي تدعوا إلي العداله الاجتماعية لايوجد في الاقتصاد ما يسمي بالنظريه الأقتصادية .
الاقتصاد هوتجارب لحياة الناس والشعوب وليس علما مجردا . الاقتصاد في أبسط تعريف له هو كيف تدير مواردك وتستغلها الأستغلال الأمثل بما يحقق النمو وتخلق فرص عمل للشباب لتحقيق العداله الاجتماعية من أجل خلق الرفاه الاقتصادي للمواطنين بغية الوصول إلي الرضا الذي بات المؤشر الحقيقي للنمو ورضا الناس عن أوضاعهم الاقتصادية يعد أحد أهم مفردات الأمن القومي .