40 عائلة تمتلك 70 % من الثروة في مصر
حمدي الجمل
اقتصاد الجيش مصطلح لم نسمع عنه أو نسمع به في أرض المحروسة إلا بعد سقوط دولة الإخوان في ثورة 30 يونيو، وربما بدأت إرهاصات هذه الأقاويل مع تولي المجلس العسكري مسئولية إدارة البلاد. وفي الفترة الأخيرة ارتفعت وتيرة الاتهامات الموجهة للمؤسسة العسكرية من باب الاقتصاد، وهيمنة الجيش علي الحياة الاقتصادية ودخول الجيش في كل المجالات الاستثمارية، وأن هناك مزايا تفضيلية للشركات التابعة للجيش، وأن الجيش يمتلك 40 % من الاقتصاد القومي, والمدهش حد العجب أن كل من يردد ذلك يختم كلامه بمقولة خالدة والتي هي أنه من الصعب الحصول أو الوصول إلي أرقام حقيقية عن اقتصاد المؤسسة العسكرية، رغم أن الاعتمادات الخاصة بهذه المؤسسة في الموازنة العامة عبارة عن رقم واحد مجمع غير تفصيلي. والسؤال أليست الموازنة العامة للدولة معلنة والعالم كله, قبل البرلمان يطلع عليها؟ فكيف يكون هناك عدم مقدرة للوصول إلي معرفة الأرقام الحقيقية للاقتصاد الخاص بالجيش، وفي الوقت ذاته الموازنة العامة معلنة وبها الاعتمادات الخاصة بالمؤسسة العسكرية.
والسؤال الآخر ومن واقع قراءة أرقام الموازنة العامة كيف يسيطر الجيش علي الاقتصاد والموازنة العامة تشهدا عجزا كبيرا سنويا وصل إلي 240 مليار جنيه، في العام المالي 2016 \ 2017 وربع إيرادات الموازنة يذهب إلي الدعم، والربع الثاني إلي الرواتب والأجور، والربع الثالث إلي سداد الديون وأعباء الديون، وما تبقي يتم الإنفاق منه علي الخدمات والاستثمارات وبقية احتياجات المصريين التي تتطلب الاقتراض شهريا من البنوك من خلال طرح شهادات إيداع أو أذون خزانة!!
وعلي صعيد الشركات والمؤسسات التابعة للجيش مقارنة بعدد الشركات التي تمتلكها الدولة، فإن القطاع الخاص أو القطاع العائلي يمثل 70 % من حجم الاقتصاد المصري، وأن 40 عائلة فقط تمتلك هذه الثروة أو هذه النسبة ومشروعاتها.
أما الشركات التابعة للقوات المسلحة فيمكن حصرها في 4 مؤسسات بشكل رئيسي، وهي جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والذي تم إنشاؤه بقرار رئيس الجمهورية رقم 32 لسنة 1979 عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي النسبي من الاحتياجات الرئيسية للقوات المسلحة لتخفيف أعباء تدبيرها عن كاهل الدولة، مع طرح فائض الطاقات الإنتاجية في السوق المحلي والمعاونة في مشروعات التنمية الاقتصادية في الدولة من خلال قاعدة صناعية إنتاجية متطورة.
إضافة إلي تنفيذ المهمة المعلنة للجهاز “كما هو مدون على الموقع الرسمي للجهاز” وهي تنمية الناتج القومي، بالتعاون مع المؤسسات المدنية، والتركيز على مشروعات البنية التحتية خصوصًا المشروعات التنموية في المحافظات الحدودية كشمال وجنوب سيناء والوادي الجديد.
وتتبع الجهاز 21 شركة تغطي مجموعة واسعة من القطاعات من البناء والنظافة إلى الزراعة والمنتجات الغذائية. وتباع السلع التي تنتجها هذه الشركات، والتي تفيض عن حاجة الجيش، في السوق المحلية.
وفي مجال استصلاح الأراضي هناك الشركة الوطنية لاستصلاح الأراضي “تعمل في مجال الزراعة والإنتاج الحيواني في شرق العوينات”، بالإضافة إلى “جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة”، حيث تعتبر القوات المسلحة مالكة ومسئولة عن حماية أكثر من 97% من إجمالي مساحة الأراضي في مصر وفقًا للقانون.
وفي مجال الأمن الغذائي يمتلك الجهاز شركة مصر للتصنيع الزراعي التي تضم 7 مصانع لإنتاج صلصة طماطم ومنتجات ألبان وأعلاف الماشية والأسماك والبصل المجفف، وشركة كوين لإنتاج المكرونة، إضافة إلى قطاع الأمن الغذائي الذي يضم عددًا من المزارع والمجازر للحيوانات والدواجن، إضافة إلى وحدات إنتاج الألبان ومجمعات إنتاج البيض وغيرها.
في مجالات الصناعة الكيماوية والتعدين، يمتلك الجهاز في قطاع التعدين عدة شركات صغيرة في المناجم التعدينية مثل مناجم الجبس والمنجنيز والرمل الزجاجي والطَفل والزلط، إضافة إلى الشركة الوطنية للمياة “صافي” .
في مجال البتروكيماويات والكيماويات الوسيطة هناك شركة النصر للكيماويات الوسيطة التي تنتج المنظفات والأسمدة ومكافحات الحشرات”، وشركة العريش للأسمنت وشركة إنتاج المشمعات البلاستيك.
كما تمتلك الهيئة أيضًا شركة النصر للخدمات والصيانة “كوين سيرفيس” والتي تقدم خدمات الأمن والحراسة وإدارة الفنادق، إضافة إلى خدمات أخرى، إضافة إلى الشركة الوطنية للبترول التى تدير محطات بنزين «وطنية» وتنتج العديد من المنتجات البترولية.
في قطاع المقاولات يمتلك الجهاز الشركة وطنية للمقاولات العامة والتوريدات والشركة الوطنية للطرق والكباري.
وتبلغ ميزانية الجهاز وفقًا للأرقام المعلنة عام 2013 مليار و625 مليون جنيه بصافي أرباح بلغ 63 مليون جنيهًا وفقًا للأرقام المعلنة في الجريدة الرسمية.
والهيئة العربية للتصنيع أسستها مصر والسعودية وقطر والإمارات عام 1975 في أعقاب حرب أكتوبر برأس مال أكثر من مليار دولار بهدف تأسيس صناعة عربية دفاعية مشتركة، سحبت الدول العربية أسهمها من الهيئة احتجاجًا على توقيع مصر لمعاهدة السلام مع إسرائيل وبقيت مصر وحدها مالكة للهيئة.
تركّز الهيئة العربية للتصنيع على توفير احتياجات القوات المسلحة المصرية من المعدات الدفاعية، توسع نشاط الهيئة ليشمل مشروعات مدنية إضافة إلى مشروعاتها العسكرية، حيث تدير الهيئة 11 مصنعًا وشركة في مصر تعمل في العديد من المجالات في الصناعات
العسكرية والمدنية منها مصانع صخر وقادر وحلوان للصناعات المتطورة ومصنع سيماف الذي ينتج عربات السكك الحديدية والقضبان وغيرها والذي حصلت عليه الهيئة من القطاع العام عام 2002، إضافة إلى مصانع للمنتجات الإلكترونية تقوم بإنتاج وتجميع الشاشات الإلكترونية وشاشات العرض الكبرى، إضافة إلى الشركة العربية لإنتاج الطاقة المتجددة التي تدير عدة مشروعات للطاقة المتجددة في مصر وشركة السماد العضوي ومصنع أبو زعبل للأخشاب والذي ينتج أثاث المنازل والفنادق والقرى السياحية.
في مجالات الصناعة العسكرية تمتلك الهيئة عدة شركات للتصنيع العسكري بالتعاون مع دول كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا، كما تقوم بشراكات مع مؤسسات عالمية في مجالات التصنيع المدني مثل “جنرال إلكتريك” و”لوكهيد مارتن” و”ميتسوبيشي” وغيرها.
والهيئة القومية للإنتاج الحربي تأسست عام 1984، بهدف الإشراف على المصانع الحربية، وتمتلك الهيئة حاليًا أكثر من 18 مصنعًا للصناعات العسكرية والمدنية منها مصانع “أبو قير – أبو زعبل – شبرا – حلوان” للصناعات الهندسية، إضافة إلى مصنع حلوان للأثاث ومصنع حلوان لمحركات الديزل ومصنع حلوان للصناعات غير الحديدية، وفي الصناعات الكيماوية تمتلك الهيئة مصانع “أبو زعبل وقها وهليوبوليس” وفي الصناعات الإلكترونية هناك مصنع بنها للصناعات الإلكترونية، كما تمتلك الهيئة أسهمًا في شركات أخرى مثل “ثروة البترول” و”إيبيك” العالمية لصناعة المواسير.
الهيئة الهندسية للقوات المسلحة
هي هيئة تابعة لوزارة الدفاع المصرية، متخصصة في مجالات البنية التحتية والإنشاءات العسكرية والمدنية، تحتوي الهيئة على عدة إدارات تابعة لها هي إدارة الأشغال العسكرية وإدارة المهندسين العسكريين وإدارة المساحة العسكرية وإدارة المياه وإدارة المشروعات الكبرى.
وبعد حصر كل ما تملكه وتديره المؤسسة العسكرية نؤكد أن حصة شركه نستلة للمياه المعدنية وهي شركه مدنية أكثر من 70 % من سوق المياه المعبأة، فيما تمتلك بقية الشركات وعددها بالعشرات الحصة الباقية، والسؤال أين شركه صافي للمياه الخاضعة للمؤسسة العسكرية؟ وهل لها حصة في السوق؟ الإجابة المؤكدة أن الشركة تنتج لسد احتياجات القوات المسلحة.
وأين شركة وطنية التي تمتلك محطات تموين السيارات مقارنة بشركة شل التي تمتلك 60 % من السوق، والباقي لشركات قطاع البترول والقطاع الخاص ولا تزيد حصة شركة وطنية على 1% أو 2 % علي أكثر تقدير؟
وبالنسبة لشركات المقاولات هل تمتلك المؤسسة العسكرية عشر معشار ما تمتلكه شركة أوراسكوم للإنشاءات، وهي شركه قطاع خاص ويمتلكها رجل الأعمال أنس ساويرس، وهل المؤسسة العسكرية تمتلك شركة بقيمة المقاولون العرب أو حسن علام ؟ في قطاع المقاولات
هناك شركتا جهاز الخدمة الوطنية لا قيمة اقتصادية لهما مقارنة بشركات الدولة أو القطاع الخاص.
وينسحب الأمر علي منتجات المصانع الحربية التي تنتج السلع المعمرة من ثلاجات وغسالات وما شابه، حصة المؤسسة العسكرية السوقية أقل من نصف في المائة.
أي منصف يستطيع أن يلحظ أن كل ما يتردد عن اقتصاد الجيش وحجمه كلام مرسل لا دليل اقتصادي عليه، ويكفي أن نؤكد أن القطاع الخاص يمتلك أكثر من 70 %، وأن سبب مشاكل مصر هي احتكار القطاع الخاص لقطاع الأغذية، وقطاع الأدوية وقطاع الحديد والصلب والأجانب يسيطرون علي 65 % من سوق الأسمنت، ولو أن الدولة تمتلك حصة كبيرة في السوق من خلال المؤسسة العسكرية أو قطاع الأعمال العام، ما كنا عشنا كل هذه الأزمات الحياتية، وما كان المحتكرون تحكموا في غذائنا.
وبالنسبة للهيئة الهندسية التي أشرفت علي حفر قناة السويس، فإن وجودها في المشهد الخاص بقطاع المقاولات والطرق الهدف منه الالتزام بالجودة، وبالالتزام بالمواعيد، ويمكن أن نشير إلى أن هناك 1300 شركة قطاع خاص، تعمل في مشروعات الطرق يعمل بها أكثر من مليوني عامل، وأن مشروعات أنفاق قناة السويس تقوم بها شركات مصرية قطاع عام وقطاع خاص، وان دور الهيئة هو الإشراف فقط، لأن الهيئة الهندسية جزء صغير من القوات المسلحة، وفرع المقاولات بالهيئة الهندسية جزء صغير جدا.
حجم اقتصاد الجيش في الاقتصاد القومي صغير جدا، ولا يمكن أن يصل إلي هذه الأرقام التي يصر مناهضو الدولة في الخارج علي التلميح لها، لأن هناك شركات خاصة بالقطاع العائلي تمتلك 20% و30 % من حجم الاقتصاد القومي.
ويبقي السؤال الأهم والفرية الكبري التي تردد بشكل لافت وأظهرت المؤسسة العسكرية وكأن على رأسها ريشة بأن شركات الجيش لا تدفع ضرائب ولا تخضع لمراقبة. وبعيدا عن الدخول في جدل عقيم مع من يررد هذا الكلام سواء في الداخل او في الخارج أو بحسن أو بسوء نية. الشركات التابعة للمؤسسة العسكرية هي شركات ملك الدولة وينطبق عليها قوانين الدولة وتخضع لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات وتدفع الضرائب مثلها ملك أية شركة قطاع عام.